الخميس، فبراير 17، 2011

لماذا لا يعود الثوار إلى البيوت ؟؟



أعتقد أن ملامح سيناريو أسود باتت تلوح فى الأفق، لذلك على أهل الثورة أن يحذروا أن تضيع كل هذه التضحيات أدراج الرياح. كانت هذه مقدمة لنقاش مع أحد أصدقائى، فقال لى: أنت تبالغ كثيراً .. فالوضع الآن أفضل بكثير من قبل، لقد رحل الرئيس، وحُل مجلسى الشعب والشورى، وتم اختيار لجنة لتعديل مواد الدستور، وعلينا الآن أن نعود إلى البيوت ... و ننتظر ، ولنعطى المجلس العسكرى فرصة لترتيب الأوضاع . قلت له: جيد .. ولكن تعال لنتذكر أهداف الثورة؛ هل تتذكر أول هذه الأهداف؟ قال صديقى: نعم .. هو اسقاط النظام ، وهذا حدث ورحل الرئيس ولم يعد يحكم النظام الآن . فقلت له :: ما هى أماراتك؟ قال: لا أعرف ماذا تقصد؟!. قلت له: إن ذهاب الرئيس لا يعنى ذهاب النظام . قال :: ولكن رموز النظام لم يظهر منهم أحد. فقلت: ولكنهم موجودون، قال: كيف ؟؟! قلت له:: هل حُكم منهم أحد ؟؟ قال :: لقد تم التحفظ عليهم وعلى أموالهم ، قلت : هل من الممكن أن يفك هذا الحظر أم لا ؟؟ قال:: كيف ؟؟!! قلت: يمر الوقت و تبرد حرارة الثورة وينسى الناس. قال: كيف؟؟؟!!!! قلت: إن الناس نسوا ثلاثين سنة من الظلم والتعذيب والفقر والجهل والمرض والكذب والذل .. فى ربع ساعة كانت هى مدة خطاب الرئيس، ولولا شومة البغال والحمير والجمال التى وقعت على رؤسهم ما أفاقوا . فتبسم صديقى وقال: لديك حق .. إحنا طيبين. فقلت له : إن السيناريو يعتمد على عنصرين أساسيين. فقال: وما هما ؟؟ قلت: الأول : عامل الوقت، والثانى : عاطفة المصريين. قال :: وما هى ملامح هذا السيناريو ؟؟ فقلت له: هناك جماعتى ضغط لن تسمحا أن تسير اللعبة دون تدخل منهما حتى يحافظا على مصالحيهما ، فقال: ومن هما ؟؟ قلت: الجماعة الاولى : جماعة الغرب ، وأمريكا ، وإسرائيل، وهؤلاء لا تخفى مصالحهم فى مصر على أحد ، وسيظلوا يضغطون على الجيش حتى يضمنوا ولاء من سيتسلم تركة مبارك فى حكم مصر بما يضمن مصالحهم و سيطرتهم على المنطقة . فاعتدل صديقى و قال: صحيح لو لم تفعل أمريكا ذلك لما استحقت أن تكون دولة عظمى . والمجموعة الثانية ؟؟ قلت :: هذه من الداخل قال: كيف ؟؟ قلت: إن نظام مبارك أنبت شجرة فساد ضخمة فى مصر ، والثلاثون عاماُ سمحت لهذه الشجرة بتوغل جذورها فى الواقع المصرى فليس بالسهولة القضاء عليها. وشبكة المفسدين وأصحاب المصالح لن يدعوا الأمر يمر دون مقاومة فضلاً عن المتورطين فى تعذيب وإذلال الشعب المصرى. قال: وما هى شواهدك على ذلك ؟؟؟ قلت:
1- عدم محاكمة أيٍ منهم حتى الآن محاكمة جادة
2- وجود معظمهم داخل مصر أو بقاء جزء كبير منهم فى حكومة أحمد شفيق
3- وجود زكريا عزمى وعمر سليمان حتى الآن فى ديوان رئاسة الجمهورية
4- الإبقاء على الحزب الوطنى وعدم اعلان حله
5-عدم تشكيل حكومة جديدة ( تكنوقراط ) ليظل النظام محتفظا بقوته واستخدامها فى الوقت المناسب

6- الإبقاء على جهاز أمن الدولة ، وإدارته لبعض الامور حتى الآن. ويقال أنه هو الذى يحرك المظاهرات الفئوية لتشتيت مطالب الثوار
7- عدم وجود مجلس رئاسى يضم مدنيين يضمنوا بأنفسهم عدم القفز على السلطة من بقايا النظام وذلك بمباركة الخارج
8- الإبقاء على قانون الطوارىء لاستعماله فى الوقت المناسب
9- مسلسل تبييض بعض وجوه النظام البائد وعلى رأسهم جهاز الشرطة وتمثيلية المظاهرات التى يقوم بها الضباط لحماية المنقلبين على الثورة فى الوقت المناسب ولحماية أنفسهم.
10- ظهور بعض رموز الحزب على قناة العربية التابعة للسعودية التى لا يزال يدعم ملكها النظام فى مصر
وخلال مدة الستة أشهر يتم إلهاء الناس بتحقيق بعض المطالب التى لا تأثير لها فى إضعاف فلول النظام ، والاكتفاء بتغيير بعض الوجوه ، وتظل نفس السياسات ، ونفس التوجهات ، ونفس العقول لتحكم مصر قرناً آخر بعيداً عن التمدن والتقدم والحرية... إكفهر وجه صديقى ومسحه العبوس وقال: لن أترك الشارع حتى يسقط النظام ، ولعنة الله على من أضاع دماء الشهداء وفرط فى مكاسب الثورة. قلت: آمين
منقول عن :: ياسر البندارى